وضع إلى جانب تماثيل الرؤوس “سَبيل”- جهاز عام لشرب الماء. والسبيل باللغة العربية يعني الطريق. وفي الثقافة الإسلاميّة، فإنّ الشخص الذي تحدث معه معجزة، يشكر الله على ذلك بواسطة تركيب صنبور مياه على الطريق السريع في الأماكن القاحلة التي لا تتوفّر فيها مياه للشرب.
هناك رابط بين القرب الإنسانيّ والشعور بالانتماء لمجموعة الرؤوس وبين “السبيل” الذي يشكّل مكان التقاء ويمثّل العطاء من أجل الجميع والأواصر الاجتماعيّة. بين تماثيل الرؤوس المصنوعة من مواد ترابيّة جافّة ومياه “السبيل”، هناك علاقة مركّبة، علاقة بين مادتين وحالتين: القوة العظمى والخفيّة الكامنة في التربة في حالات العطش، القحط، الجفاف والتآكل، والمياه المتدفّقة المانحة للحياة والنمو، ولكنّها قد تؤدّي أيضًا إلى الدمار والإهلاك إذا سَحَبت مجموعة تماثيل الرؤوس أو أذابت التربة التي صنعت منها هذه التماثيل.
يبدو أنّ الرؤوس- كلّ وكيانّه المستقل والمميّز- تشكّل معًا مجموعة أو مجتمعًا في حالة انتظار- منتصبة في حالة سبات، سكينة وانغلاق على الذات. كأنّها بذور لم تنبت بعد، تنتظر رطوبة قطرات المياه، التي ستصلها ربما من “السبيل” أو من المطر الأول، وللرائحة الندية المسكرة- رائحة الأرض بعد المطر الأول؛ خلاصة الحياة. في تلك الأثناء، تتواجد الرؤوس في حالة من الاحتواء وتعدّد الإمكانيات. يستمد كل رأس قوته من الدوبليرات المحيطين به، من صمتها ومن الجاذبية الملهمة فيما بينها. ملامسة بدون لمس…
لقراءة أقل ...