تطلّ من لوحاتها الزيتيّة والفحميّة وأعمالها النحتية شخصيات عديدة لنساء شابات وطفلات، دببة، خيول، نمور، كلاب وكلبات، وحوش، جن وأغراض، للبعض منها وظيفة محددة والبعض الآخر حاد وخطير. معظم الشخصيات والهويّات متواجدة أو محاصرة داخل فضاءات منزليّة يومية وفي مشاهد طبيعيّة محليّة، مغرية ومخيفة في الوقت نفسه، وترمز إلى كلّ ما يحسّن من شعورنا، إلى كلّ ما هو ساحر وشقيّ وأسطوريّ، وفي الوقت ذاته إلى كلّ ما هو محتقَر ومشين. تغيّر من وظيفتها وشكلها طوال الوقت، تتنقّل من مشهد لآخر، على مختلف أشكالها. سذاجتها أو الخطر الكامن فيها يتبدّلان بين وضع وآخر. الدمج بين مختلف الشخصيات، الكائنات والأغراض المألوفة وبين العناصر العدوانيّة، الجنسيّة والعنيفة، يخلق مستويات متناقضة ومتنازعة لكونٍ يطمس الفروق بين الإنسانيّة والوحشيّة.
ينتصب وسط حيّز العرض عمل نحتيّ مستوحى من “طاولة حربيّة” استملكها الجيش البروسيّ في القرن الـ 19 لأغراض التدريب والبحث. قبل أن يخترق يوم السبت، السابع من أكتوبر، حياتنا ويقلبها رأسًا على عقب، خطّطت ڤـولوڤنيك حيّزًا ثلاثيّ الأبعاد- سطح مرئيّ لمشهد متغيّر- بالإمكان التحكّم به ومشاهدته من فوق. وضعت فيه تماثيل صغيرة لشخصيات، البعض منها يظهر في لوحاتها الزيتيّة ورسوماتها الفحميّة، كساحة معركة ثقافيّة متشعّبة. الخدوش الثلاثة، الناتجة عن مخالب حيوان نسائيّ أو امرأة حيوانيّة، تتكرّر في أعمالها وتترك بصمتها على الجدران، عميقًا في جسم الشخصيّة النسائيّة، تطمس الحدود بين جسد وآخر وبين حيّز ومحتواه، إلى أن يبدو لنا أنّ الغرفة تخترق الجسم. العلاقات بين الجسد النسائيّ والجسد الحيوانيّ-الوحشيّ تمكّن الشخصيات والهويات- البشريّة أقل أو أكثر- من إيجاد عزاء في الوضع الحيوانيّ. تتبنّى ڤـولوڤنيك رموزًا وخصائص جنسيّة، مختلف أنواع التابوهات الثقافيّة والاجتماعيّة التي يتم تصوّرها تقليديًّا كأدوات للقمع، وتحوّلها إلى رموز للشهوة والقوة- ليس حتمًا من منظور نقديّ، إنمّا من منطق الانفتاح لإثارة التساؤلات والشكوك حول الفكر، واللغة وكل جانب من جوانب الهوية.
المعرض هو رسالة حب لكلّ حيوان؛ أيّ حيوان، وإن كان حيوانًا على رجليْن، كالإنسان.
[1] أليخاندرا پيزارنيك، هذه الليلة، في هذا العالم، ترجمة: طال نيتسان (تل أبيب: إصدار الكيبوتس الموحّد)، 2005، ص. 81.
لقراءة أقل ...