ولد شويبل وترعرع في الولايات المتحدة. بعد سنوات من الترحال- بين كيوتو، باريس، نيويورك، أثينا، قرطبة، تل أبيب والقدس- استقر في عام 1963 في عين كارم، القدس. في السبعينات، عرضت أعماله في أماكن عديدة، من بينها متحف تل أبيب ودار الفنون في عين حارود. لاقت موهبته اعترافًا فوريًا، ولكنه وجد نفسه تدريجيًا خارج الدوائر الفنية المركزية، الأمر الذي تسبب له بالإحباط وعزز من شعوره هذا.
في بحث أجري خصيصًا لهذا المعرض، اطلعنا على أرشيف أعمال ووثائق شويبل، وخاصة مفكّراته، التي تعكس حياته على شكل “قصّة مصوّرة” لفيلم، وأحيانًا على شكل رواية مصورة. عدد كبير من لوحاته الشهيرة تستند إلى شخصيات من قصص التناخ. إنّها لوحات مليئة بالتفخيم الدرامي المرسوم بكثافة؛ لوحات فطرية تستخدم فيها المطبوعات النحتية أو المكانية (الحضرية أو الطبيعية) كلوح رسم، كتصميم معماري لموقع تصوير فيلم، مع دمج رسومات وضربات فرشاة. يخلق ذلك كله حالة ممسرحة معروضة بشكل غير خطي- حيز رسم مكوّن من تقنيات وطبقات، وفيه توليفة أزمان وفضاءات ومواقع وأماكن، من الماضي والحاضر، وأحيانًا المستقبل أيضًا.
نجد في أعمال شويبل علاقة وطيدة بين عملية الرسم وعالم السينما، الصورة المصوّرة والتحرير السينمائي. الـ “كاط” السينمائية، هذا “الوَقْف” يؤدي إلى الانتقال المطلق والفوري من مجال رؤية معين إلى مجال رؤية آخر، قفزة للأمام وقفزة للخلف في الزمان والمكان. أفاد شويبل بأنّه يعتبر قماش الرسم شاشة سينمائية تتيح المجال لحدوث المستحيل. كثيرًا ما رسم ستائر كبيرة على أطراف قطعة القماش، وكأننا في صالة سينمائية قديمة، يضع فيها حدود الحيز المتخيّل.
تمازجت في مخيلة شويبل مشاهد من الواقع وأجزاء من التاريخ اليهودي. فعلى سبيل المثال، نجد في لوحاته مشاهد من أفلام وثائقية قديمة وصور فوتوغرافية من فترة المحرقة النازية—شخصيات يهودية مُهانة وجنود نازيين- إلى جانب المشاهد التي تمثّل طرد اليهود من إسبانيا، وذلك بواسطة الشخصيات الغروتسكية للملك فرديناند والملكة إيزابيلا (مرجع محتمل لسينما فليني الذي حظي بتقديره)، الأيقنة المعادية للسامية، شخصيات من تاريخ الفن وأبطال من الثقافة والسينما الأمريكية التي تسلط الضوء على مدى ارتباطه بالثقافة الشعبية.
في مشروع FSP – لوحة حرة من سبعينيات القرن الماضي، بنى شويبل جدران ووضعها في أماكن مختلفة في البلاد. نجد في “لوحة حرة” تمثيلًا للرسام نفسه- يقف حرًا، منتميًا وغير مُنتمٍ. الجدران، التي كان يفترض أن تستخدم كلوحة رسم لمشاهد طبيعية، تشبه شاشات “درايف-إن” المنتصبة بمفردها في الحيز، مغروسة في مكان وزمان غريبين ومختلفين عنه. رأى شويبل بعينه مشروعًا مماثلًا في أرجاء منطقة نيويورك، كما يتضح في سلسلة طرحها تضم شخصيات من الكولاج الحضري التي تربط بين الصورة واللوحة. هذه الخطط، التي لم تخرج حيز التنفيذ، تستحضر في أذهاننا خطاب اللافتات الإعلانية، وتبيّن الرابط الوثيق الذي أنشأه شويبل بين الحياة اليومية والشارع والفنون.
لقراءة أقل ...