كانت بداية متحف هرتسليا مع مجموعة من الرسومات، من القرن الثامن عشر حتى القرن العشرين. والتي تبرّع بها، لبلدية هرتسليا، مواطن المدينة أويجان دا- فيلا في مطلع سنوات الستين من القرن العشرين، وتمّ عرضها في شقة في شارع بار إيلان 15 في المدينة. شغل دا – فيلا منصب المدير الأول للمتحف. قررت البلدية، في سنوات الستين، إقامة مبنى في المدينة، يجمع بين المتحف ومقرّ يد –لبنيم الذي يخلّد ذكرى أبناء المدينة الذين سقطوا في حروب إسرائيل. بدأ تخطيط المبنى،الذي أُسندت مهمته إلى مكتب الهندسة المعمارية ريختير –فري –زارحي (تصميم داخلي: أرتور جولدرياخ، بمشاركة تمار دا شليط) عام 1965. طالب المهتمون بالمجال أن يتم تثبيت النصب التذكاري، وأن يجمعوا بين ذكرى المصاب والفقدان، في الفضاء المعدّ للنشاطات الثقافية العلمانية لصالح المجتمع. والتأكيد والإشارة بذلك على خيار مواصلة الحياة الطبيعية. تم افتتاح المبنى عام 1975 – مبنى من الباطون المكشوف والخام، وهو شكل من نمط العمارة القاسية (أو الوحشية – Brutalism) التي شاعت في تلك الفترة ( المبنى معلن اليوم كمبنى للحفظ). يتم الدخول إلى المبنى من خلال مقرّ يد –لبنيم. يتضمّن المبنى صالات عرض ذات نوافذ عالية، تُمكّن من دخول الضوء الطبيعي عبرها لفضاء القاعة، وكذلك غرفة تذكارية في منطقة مقرّ يد –لبنيم، ومدرّجا مفتوحا. عرضت في المتحف، آنذاك، وإلى جانب الأعمال الفنية، منحوتات أثرية عُثر عليها في موقع الحفريات أبولونيا، الذي يقع على شاطئ البحر في هرتسليا.
خلال سنوات الثمانين، وتحت إدارة يوآف دجون، توسّعت نشاطات المتحف فيما يتعلق بالفن المحليّ، وتم تخصيصها للنحت في الأساس. وأقيمت في تلك الفترة، حديقة تماثيل واسعة محيطة بالمبنى. منذ سنوات التسعين فصاعدا، وتحت إدارة داليا ليفين، تبلورت هوية المتحف كمؤسسة مخصصة للفن المعاصر، الإسرائيلي والعالمي.
تم ترميم المبنى وتوسيعه عام 2000، بتخطيط المهندس المعماري يعقوب ريختر وابنه، أمنون ريختر. اختيار الجوانب المتحفية تمت بعد تشاور مع أمين المتاحف يونا فيشير. مدخل المتحف انفصل عن مدخل مقرّ يد –لبنيم، وبٌني مدخل جديد يؤدي إلى المتحف مباشرة، في الجهة الشمالية منه. وقد عبرّ هذا التحوّل عن فصل الوظائف التي جُمعت معا سابقا، ومثّل بذلك قيام المتحف كحيّز مستقلّ. تضاعفت مساحة المتحف، بفضل التبرع السخي لكلّ من يعقوب وفريجينيا ألكوب. كما أضيفت سلسلة من صالات العرض في واجهته الشرقية. اهتمّ التغيير بالحفاظ على النمط الخاص للمبنى القديم وملاءمته للاحتياجات المعاصرة لعالم المتاحف. جدران الباطون المكشوف، التي تميّز نمط المبنى القاسي (الوحشي)، تقدّم تصميما معماريا وتصريحا مبدئيا في بهو المتحف. التجوال في فضاءات العرض، وبأحجام مختلفة، تخلق خطابا فكريا مفاهيميا متواصلا في كل أقسام المعارض، وخلال العرض المستقل في كل فضاء.
تقود إدارة المتحف، اليوم، والأمينة الرئيسية له، د. آيا لوريا، التي تهتمّ في مسائل وقيم ثقافية اجتماعية خاصة بهذه الفترة، ومن وجهة نظر واسعة، التي تتوق إلى فتح النقاش الفني لحوار مع مجالات الحياة الأخرى. تعرض في المتحف سنويا، على ثلاث دفعات، عشرات المعارض الفردية والمعارض الجماعية، التي تقدّم وجهات نظر متنوعة عن عالمنا، توسع من دائرة النقاش، وتفتح أفق التأويل. تخلق هذه المعارض تواصلا مدهشا بين فنايين محليين وعالميين، مما يرسّخ قوّة الفنّ وقدرته على تجاوز الحدود، وتشجيع تعدد الأصوات ووجهات النظر والحوار متعدد الثقافات.
تهتمّ المؤسسة، إلى جانب العرض في وسائل الإعلام المختلفة، في بحث متواصل في محفوظات المتحف وتاريخه، معاينة تصميمه العمرانيّ، والتأمل في علاقته مع الحيّز المدينيّ من حوله. في شهر كانون الثاني عام 2017، وكجزء من البحث المتواصل المطروح في المتحف، قامت مجموعة البحث موندي – لاب، من كلية الهندسة العمرانية في التخنيون، حيفا (برئاسة د. دافيد باهر – فرحيه)، بإزالة القواطع الفاصلة بين القسم التابع ليد –لبنيم والمتحف. تمت، لاحقا، دعوة فنّانين إضافيين لعرض مشاريع، في المتحف، تتناول الحيز المتحفيّ وعلاقته بمقرّ يد –لبنيم، مع الاستعداد الكامل للتعامل مع السياقات التاريخية، القومية والمحلية المشحونة التي يمثلها. على سبيل المثال، في شهر أيلول، عام 2017، ثبت آساف عفرون في قلب معرضه ” شارع بازل 54″ صورة لنقش حائط الباطون المتواجد في مدخل مقر يد –لبنيم، الذي أنجزه الفنّان، شلومو إليراز، من سكّان المدينة.
يتأقلم المتحف، في السنوات الأخيرة، مع التغييرات الجدية التي تمرّ بها البيئة المحيطة به، الناتجة عن التجدّد المدينيّ وتنظيم، من جديد،للحيز المؤسساتي في المدينة. يتضمن هذا المشروع انتقال البلدية إلى مبنى جديد مقابل المتحف في جادة بن – غوريون، وتوسيع حديقة التماثيل حتى مستوى الشارع. هكذا أصبح متحف هرتسليا للفنون المعاصرة جزءا من المجمع الذي يضمّ البلدية، المحكمة، ومقرّ يد –لبنيم.
متحف هرتسليا للفنون المعاصرة، هو متحف معترف به وفقا لقانون المتاحف – مؤسسة جماهيرية تعمل بدون أهداف ربحية، هدفه الاهتمام بالبحث، العرض والفعاليات الثقافية، الفنية والتربوية. يشكّل المتحف مركزا لنشاطات ثقافية وتربوية متنوعة، وتشمل إرشادات، لقاءات فنّانين، محاضرات، أيام دراسية ومناسبات أخرى مختلفة.
مديرو المتحف:
1962 – 1977 أويجان دا- فيلا
1977- 1978 يهودا بن عزرا
1978- 1981 شلومو يزراعيل
1981 – 1993 يوأف دجون
1993- 2014 داليا لفين
2014- وحتى الآن د. آيا لوريا